أظهرت احتجاجات المواطنين اللبنانيين، في اليومين الفارطين، أن الدولة اللبنانية على شفى الانفجار أو هي في أتونها، وان تبعات هذه الاحتجاجات ومداها والقدرة على الاستمرار بها لن يستطع أحد التنبؤ بها اليوم. المشكلة الرئيسية ليست في هذه الاحتجاجات ذاتها بل في عدم قدرة السلطات الحاكمة في البلدان العربية على قراءة حركة الشارع وهي لا تنظر الى اهتماماته، وهي تتفرد بالحكم وتعلي مصالح “النخبة” الحاكمة وحاشيتها ومصالح شركائها من رجال المال.
في المقابل تنبأت استطلاعات الرأي العام للباروميتر العربي بأن بعض الدول العربية مثل الجزائر والسودان ولبنان قريبة أو هي على شفى حفرة الانفجار لموجة ثانية للربيع العربي، بناء على مجموعة من المؤشرات التي توضح أنها ليست بعيدة عن تلك المؤشرات التي أدت الى الربيع العربي عام 2011. لكن من الواضح ان النخب الحاكمة لا تلقي بالا لانطباعات المواطنين ومواقفهم وآرائهم، ولا هي ذاهبة لإجراء إصلاحات جدية وجوهرية لنظام الحكم وتحسين الأوضاع الاقتصادية لا يكون المواطن وحدة ضحية هذا الاصلاح، وبناء سياسات مستجيبة أو حساسة لاهتمامات المواطنين.
كما جاء في نتائج استطلاع الباروميتر العربي، فقد قال حوالي 93% من اللبنانيين أن الاوضاع الاقتصادية انها سيئة وسيئة جدا في البلاد وهي النسبة الأعلى من بين الدول العربية التي أجريت بها استطلاعات الرأي العام الخاصة بالباروميتر العربي عام 2018، وأشار حوالي 91% الى وجود فساد في مؤسسات الدولة، واظهرت نتائج الاستطلاع ان 55% من اللبنانيين يقولن ان حرية التعبير غير مضمونة، وان أكثر من ثلث الشباب (36%) يرغبون في الهجرة من البلد، فيما أشارت بيانات صندوق النقد الدولي أن البطالة بين الشباب بلغت حوالي 51%.
إن صعوبة الأوضاع الاقتصادية والاقصاء السياسي وفقدان الامل في المستقبل وغياب تكافئ الفرص بين المواطنين وخاصة الشباب في الوصول الى أهدافهم أو تحقيق طموحاتهم وعدم العدالة في توزيع ثروات الدولة، أو بالأحرى غياب العدالة في توزيع الأعباء، وسوء الخدمات العامة وثمنها الباهظ، تمثل نقاط للتحول، في أي دولة من الدول العربية، من القبول بالأمر الواقع الى الثورة والاحتجاج عليه بهدف تغيير البنى السياسية والاجتماعية القائمة.
يمكنكم قراءة المقال من المصدر من خلال الرابط.