رفضت نقابة الأطباء المصرية وبشكل قاطع، جملة وتفصيلًا، المقترح الرئاسي الخاصة بتحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين، أن هذه الخطوة ستضر بسمعة مصر الطبية العالمية، هذا بجانب كونها سابقة أولى من نوعها في تاريخ مهنة الطب الحديث، مؤكدة أن “من يريد ممارسة مهنة الطب عليه أن يلتحق بالسنة الأولى لكلية الطب، وبعد تخرجه وتدريبه يتم منحه ترخيص لمزاولة مهنة الطب”، وذلك بحسب وسائل إعلام محلية.
وكان رئيس الأكاديمية الطبية العسكرية، اللواء أحمد التلاوي، قد دعا في خطاب رسمي، نقيب الأطباء، الدكتور حسن خيري، لحضور اجتماع بمقر الأكاديمية ظهر اليوم الأربعاء، لمناقشة إمكانية تطبيق المقترح، مشيرًا إلى أن الاجتماع سينعقد بناءً على توجيهات من رئيس الجمهورية.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وجه وزارة الدفاع بدراسة إمكانية تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين بعد حصولهم على شهادة معادلة، بهدف تعويض العجز في أعداد الأطباء، لا سيما مع مواجهة البلاد أزمة انتشار فيروس كورونا، وهو ما أثار ضجة كبيرة داخل نقابة الأطباء.
النقابة في خطابها الموجه لرئيس الأكاديمية قالت إن هذه الخطوة حال اعتمادها ستضر “بالمريض المصري، لأن كل فئة من فئات الفريق الطبي لها دور مهم تمارسه، طبقًا للدراسة النظرية والعملية في الكلية المتخصصة لسنوات طويلة، ولا تستطيع أي فئة أن تحل محل الأخرى”، موضحة أنه “لا يجوز القول إن أي دراسة مكملة يمكنها معادلة شهادة علمية مختلفة وأن من يريد ممارسة مهنة الطب عليه أن يلتحق بالسنة الأولى لكلية الطب، وبعد تخرجه وتدريبه يتم منحه ترخيص لمزاولة مهنة الطب”.
يأتي هذا المقترح في وقت تشهد فيه مصر زيادة كبيرة في معدل الإصابة بفيروس كورونا مقارنة بما كان عليه الوضع بداية الأزمة، حيث بلغ إجمالي العدد الذي تم تسجيله حتى أمس الإثنين، 6813 حالة أكثر من 90% منهم خلال الشهر الأخير فقط، فيما بلغ عدد الوفيات 436 حالة، بحسب البيان اليومي للمتحدث باسم وزارة الصحة المصرية.
لماذا هذا المقترح؟
المتابع لمنحنى انتشار الوباء في مصر وخارطة التعامل الرسمي معه منذ الإعلان عنه في ديسمبر الماضي في الصين، يجد أن مؤشر الأداء المصري بات مثيرًا للقلق لدى كثير من المراقبين، بداية من استبعاد مسألة وصول الفيروس إلى مصر والتغاضي عن كافة التحذيرات التي أطلقت حينها في ظل إصرار الدولة على فتح نوافذها البحرية والجوية أمام السياحة العالمية في الوقت الذي أغلقت معظم الدول على نفسها دائرة حدودها.
وبعد شهرين ونصف تقريبًا من انتشار الفيروس في العالم أعلنت القاهرة عن أول إصابة لها منتصف فبراير الماضي، لتبدأ كرة النار في التدحرج حتى وصل الأمر إلى هذه المرحلة التي تشهد فيه الأجواء أعلى معدلات إصابة مقارنة بالبدايات بينما الأعداد تتقلص تدريجيًا في بقية الدول.
الكشف عن مقترح كهذا في هذا التوقيت يعكس حالة من القلق تخيم على النظام المصري، الذي يعلم يقينًا أن خروج الوضع عن السيطرة ربما يضع مستقبله على المحك، خاصة بعد جملة الانتقادات التي تعرض لها بسبب تسييس الأزمة لخدمة أهداف أخرى بعيدًا عن حياة الشعب ومستقبله، لاسيما فيما يتعلق بإرسالة مساعدات طبية لبعض الدول كالصين وإيطاليا وأمريكا في الوقت الذي تئن فيه المستشفيات المصرية من ندرة المستلزمات الطبية وهو ما انعكس على مستوى حماية الطاقم الطبي نفسه الذي يباشر العلاج، إذ سقط منه قرابة 8 وفيات فيما بلغ عدد الإصابات 113 حالة.
في 30 إبريل الماضي نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تقريرًا يشير إلى احتمالية تكرار سيناريو “الإنفلونزا الإسبانية” عام 1918 والتي أحدثت تغييرات هكيلية في النظام السياسي الحاكم هناك، وذلك في إشارة منها إلى إمكانية تحول الأزمة الصحية الراهنة في مصر إلى كرة ثلج تطيح بالنظام السياسي الحالي.
واستند التقرير الذي كتبه أستاذ العلوم السياسية نائل شامة إلى استطلاع رأي أجرته مؤسسة “الباروميتر العربي” كشف أن 31% فقط من المصريين راضون عن الأداء الإجمالي للخدمات الصحية الحكومية في الفترة من عام 2018 إلى عام 2019، بانخفاض قدره 19 نقطة عن عام 2010.
كما ألمح إلى أنه رغم محاولات الاستمالة والطمأنة للطاقم الطبي المعالج، إلا أن فيديوهات تظاهر العاملين داخل أروقة المستشفيات بشأن تعرضهم للإصابة ومطالباتهم بإجراء مسح طبي لهم، تزايدت بشكل كبير، وباتت أمرًا شائعًا، وأنه في حال تصاعد الأزمة، فإن محاولات إسكات أصواتهم لن تجدي نفعًا…
يمكن قراءة المقال الكامل على موقع نون بوست