أزمة اللاجئين والقضايا الإنسانية تبقي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حالة ترقّب في العام 2023
خفتت الصراعات في الشرق الأوسط وتنعّمت المنطقة ببعض الهدوء في العام 2022. ويعود الفضل جزئياً إلى الجهود الإقليمية التي بُذِلت لإرساء السلام، مثل التقارب بين تركيا والإمارات العربية المتحدة ووساطة العراق لخفض التوتّرات بين المملكة العربية السعودية وإيران، وأيضاً إلى وقف تصعيد الصراعات المستمرّة في سوريا واليمن وليبيا. يُضاف إلى ذلك تحوّل التركيز والموارد العالمية نحو الحرب في أوكرانيا التي تحدّت قواعد النظام الدولي بطريقة غير مسبوقة وأجبرت دول الشرق الأوسط على إعادة دوزنة سياساتها الخارجية، أولاً لموازنة علاقاتها مع الدول الغربية وروسيا، وثانياً لإرساء المبادئ الأساسية لهياكل الأمن الجماعي المُستقلّة عن الجهات الخارجية.
نادر القباني
يواجه الاقتصاد العالمي إمكانية الدخول في ركود في خلال العام 2023. وسيؤثّر ذلك بشكل كبير في البلدان المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا سيّما لناحية انخفاض إيراداتها المُتأتّية من قطاعات رئيسية مثل السياحة وتحويلات العاملين في الخارج. وسيؤدّي ذلك بدوره إلى تقليص الإنفاق الاجتماعي وارتفاع احتمال تجدّد الاضطرابات الشعبية.
ترزح مصر والأردن وتونس ولبنان تحت أعباء مديونية عامّة كبيرة تتجاوز معدّلاتها 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وبما أنّها تُعدّ بلداناً مستوردة صافية للطاقة والغذاء، فإنها أكثر عرضة لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أسواق الطاقة والغذاء العالمية. وبالفعل، يعاني لبنان أزمةً مالية حادّة خنقت اقتصاده وخفّضت قيمة الليرة إلى أقل من 5 في المئة عمّا كانت عليه في العام 2019. في الواقع، تجعل المستويات المرتفعة للدَّيْن العام وشبح التضخّم الحيّز السياساتي في البلدان المستوردة للنفط محدوداً سواء لاقتراض الأموال أو زيادة المعروض النقدي، ما يلزمها باستكشاف خيارات أخرى للتعامل مع الركود الاقتصادي العالمي.
يجب إذاً على البلدان المستوردة للنفط النظر في الإصلاحات البنيوية المؤجّلة منذ زمن، بما فيها استبدال دعم أسعار الطاقة بالتحويلات النقدية، وفكّ قيود القطاع الخاص لتحريك عجلة النموّ الاقتصادي وخلق فرص العمل. وقد اقترحت منظّمات دولية وخبراء تنمويون مراراً هذه البدائل السياساتية، ولكنّها قوبلت دائماً بمعارضة شديدة من المصالح الخاصّة في تلك البلدان. إلّا أنّ الأزمة الاقتصادية أو المالية التي تلوح في الأفق قد تساعد على خلق الزخم السياسي اللازم لإجراء إصلاحات أساسية ضرورية وتحفيز النموّ الطويل الأجل والتنمية المستدامة.
نجلاء بن ميمون
يواجه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام 2023 عدداً من التحدّيات الخطيرة تطال الأمن الغذائي. وتعتمد المنطقة أصلاً بشكل مُفرط على أجزاء أخرى من العالم لتلبية احتياجاتها الغذائية، بحيث تستورد نحو 50 في المئة من حاجاتها الاستهلاكية، في حين تجعلها سلاسل التوريد الضعيفة وغير المرنة أكثر عرضة لارتفاع الأسعار العالمية والصدمات الخارجية، مثل جائحة فيروس كورونا المُستجدّ والحرب في أوكرانيا.
كذلك، تؤثّر الصراعات الكثيرة في المنطقة في أمنها الغذائي. وتتصدّر سوريا واليمن المُمزّقتان بالصراعات لائحة البلدان التي تعاني انعداماً في الأمن الغذائي وسوء التغذية. وفي الوقت نفسه، تستمرّ الصعوبات الاقتصادية والركود المُرتقب في إضعاف القوة الشرائية للأفراد، التي تطال نسباً كبيرة من السكّان في تونس ومصر ولبنان. وتبيّن الدورة الأخيرة من الباروميتر العربي أنّ أكثر من نصف الأشخاص في 9 من الدول العشر التي شملها الاستطلاع لديهم مخاوف من نقص الغذاء. لذلك، يُفترض بحكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تولي اهتماماً خاصاً لهذه القضية، وأن تضع الخطط الموافقة لها لتخفيف حدّة الأزمة المتوقّعة.