رغم ما تحقق للمرأة من نهضة تعليمية وثقافية ومهنية في مختلف مجالات الوظائف والمناصب القيادية في العالم كله ومنه عالمنا العربي، الا انها ثقافة العنف والتمييز بحقوقها العادلة لا تزال مسيطرة في ألفية الميلاد الثالثة.
فالمرأة لا تزال ضحية القهر واغتصاب الحقوق واكثر الفئات تعرضا للاجحاف في الرواتب والترقي الوظيفي والاستغلال بأبشع صوره عندما تكون مادة رخيصة في سوق الترويج الإعلاني وغيره.
وبحسب احدث تقرير للأمم المتحدة 2020، فإن نحو ثلث نساء العالم يتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي، وانهن يشغلن 24% فقط من المقاعد البرلمانية بالعالم، كما تجني النساء أقل مما يجنيه الرجال من العمل بنسبة 23% عالميا.
حيث شهد المجتمع العراقي حالات عنف أسري متصاعدة سجل أعلى مستوياتها عام 2016 إذ بلغ عدد الحالات 8552 حالة عنف أسري وبلغ عدد النساء اللاتى تعرضن للاختطاف والاغتصاب او البيع والشراء بسبب العمليات الإرهابية (4000) امرأة.
أما في مصر فالمرأة بالدولة محترمة و مكرمة وهذا ما لمسته على ارض الواقع الا ان المجتمع احيانا يجحفها خاصة في وضع الكثير من المسؤوليات على كاهلها فهي في اغلب الأحيان تعمل لتعاون الزوج في مصاريف البيت ليس فقط تحقيقا لذاتها، 44.5% نسبة السيدات في الجهاز الإداري للدولة، 13 محافظة بها نسبة إناث من العاملين تتخطى الـ 50%.
أما في الاردن عينت أول امرأة كسفيرة عام 1969، وحصلت النساء على حقوقهن السياسية بالإنتخاب والترشح عام (1974)، وعينت عام 1979 أول وزيرة أردنية، وشهد عام 1993 فوز أول امرأة أردنية بعضوية مجلس النواب، وعام 1996 تم تعيين أول قاضية.
أما عن العنف الأسري في الأردن وفقا لدراسة اعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة وعرضها حكم مطالقه يقول ان : 592 حالة عنف أسريّ من الحالات المسجلة لدى أقسام إدارة حماية الأسرة في محافظات المملكة وذلك من خلال استمارة اعدت لهذه الغاية وقال ان أعلى نسبة ممارسة للضرب باليد أو الرجل (76.6%). والسب والشتم والتحقير (51.4%). والصراخ (20.3%). ومنع المصروف عن أفراد الأسرة (18.5%). إضافة إلى إهمال الزوج لمتطلبات الزوجة (18.1%).
تحديات
أما في عالمنا العربي، فحدث ولا حرج ـ حيث تنتشر ثقافة العنف الأسري والجسدي بحق المرأة بنسبة 37% كما تذكر الامم المتحدة، وتأخذ ثقافة العنف بحق المرأة اشكال متعددة بدءا من الطفولة عندما تتعرض لعمليات الختان في بعض الدول العربية كمصر والسودان، وبطريقة التربية للأنثى على انها خاضعة وليس لها من الحقوق ما لأخيها الذكر مرورا بالعنف الذي يتوالى صادرا من الأب او الاخ او الزوج وزميل العمل، ناهيك عن العنف الاجتماعي بحق الأرامل والمطلقات وما يتعرضن لها من تهميش واقصاء وابتزاز خاصة عندما يطالبن بحقوقهم المادية والانسانية.
وتتعدد مظاهر العنف بحق المرأة العربية، وهو عنف متوارث نتيجة سيطرة الأعراف والتقاليد البالية التي تسلب المرأة مصادر قوتها حتى تظل ضعيفة مهيضة الجناح وتحت سيطرة الرجل وخاضعة بلا رأي ولا سند يحميها رغم ثقافتها وفكرها ومالها.
ومما يترجم ذلك عمليا، هو حرمان المرأة من حقها بالميراث الشرعي بكثير من دولنا العربية ومنها مصر خاصة في الصعيد، حيث يرفض الاخ الاكبر منح شقيقته حقها في الميراث مخالفين بذلك ما نصت عليه الشرائع الاسلامية والمسيحية و كذلك الأمر في العراق و الأردن و لبنان ، وقد تلجأ المرأة للقضاء لكن الفصل في هذه القضايا قد يستغرق عشر سنوات، ولذلك بعضهن تستسلم للاعراف والتقاليد وتقبل بالقليل من الميراث فيما يعرف بالتراضي، وبعضهن لا يأخذ شيئا البتة.
وفي الاردن كفلت القوانين حق المرأة في الميراث لكن التقاليد المتوارثة تجعل المرأة تتنازل عن حقها لأخيها الذكر. اعتقد اننا في أشد الحاجة الى تدشين حملات توعية ثقافية ودينية وتعليمية لتغيير ثقافة ظلم النساء في الارث وكافة الحقوق.
العنف الأسري والاجتماعي
تتعرض الملايين من النساء إلى أشكال متعددة من العنف الأسري والاجتماعي خاصة في عالمنا العربي اعتقادا مغلوطا بأن تأديب المرأة وتعنيفها أمر طبيعي، ومنه ما هو نفسي مثل التحقير والسخرية والإهانة والشتائم، وفي حقل العمل تتعرض للتمييز والابتزاز والتحرش ومحاولة تلويث شرفها بنسج الإشاعات للنيل من سمعتها إما حسدا وإما انتقاما خاصة اذا متفوقة في عملها.ويتفاقم تأثير هذه الإساءات وتختزن ألما داخل المرأة ما يدفعها إلى ارتكاب أعمال عنف خطيرة او تدفعها للانتحار.
ويبلغ العنف بحق المرأة العربية اقصاه بالضرب داخل الاسرة، وصولا الى القتل عبر جرائم الشرف، ومع ذلك حاولت كثير من الدول العربية حماية المرأة عبر تعديل القوانين مثل الغاء المغرب المادة 475 من قانون العقوبات، التي كانت تسمح للمغتصبين بتجنب الملاحقة القضائية، إذا تزوجوا من ضحاياهم. وكذلك ألغى مجلس النواب الأردني، مادة بقانون العقوبات، تمكن المغتصب من الإفلات من العقاب في حال زواجه من الضحية.
ورغم إرتفاع جرائم القتل الأسرية بحق الإناث بالأردن الى 22 جريمة منذ بداية 2019 وفقاً للرصد الذي تقوم به “تضامن” ، فان استطلاع الباروميتر العربي حول العنف الأسري، قد كشف عن أن لبنان وتونس والأردن كانت أقل الدول العربية في نسب للعنف الأسري بواقع 6% مقارنة باليمن 26% و المغرب 25% ومصر 23% .
ورغم معظم الدول العربية سنت في السنوات الأخيرة قوانين تجرم العنف ضد المرأة، إلا أن هذه القوانين مازالت عاجزة عن توفير الحماية اللازمة للنساء نتيجة غياب الرقابة الذاتية والاخلاقية والعملية.
وأعتقد اننا كما نقاوم الفيروسات والاوبئة التي تفتك بانسان العصر الامصال والادوية، فاننا مطالبين اكثر بمقاومة ورفض ومحاربة كل اشكال التقاليد البالية التي تكرس للعنف بحق المرأة عن طريق تكريس الوعي بأهمية الأخلاق والمبادئ التي تحقق للمرأة العدالة والشرف وهو ما يمكن تحقيقه بنشر الوعي بضرورة تعديل السلوك تجاه المرأة، بدءاً من الأسرة، مروراً بالمدرسة والجامعة، وانتهاء بوسائل الإعلام وواضعي القوانين…
يمكن قراءة المقال الكامل على موقع رووداو