…ومن أهم الملفات العاجلة التي ينبغي على الرئيس الجديد معالجتها أيضاً ملف تركيب ” تصنيع” السيارات في الجزائر خاصة بعد أن تجاوزت الحكومة الحالية كثيراً من صلاحياتها كحكومة تصريف الأعمال، لأنّ غضّ البصر عن ذلك العبث سيؤدِّي إلى إعادة إنتاج نفس الأخطاء السابقة، حيث يتطلَّب هذا الملف إعادة النظر في الشروط التي تخضع لها هذه الصناعة كعملية منح الرخص للوكلاء وتسقيف واردات أجزاء التركيب عند 2 مليار دولار وهو مبلغ تمَّ استهلاكه في النصف الأول من سنة 2019، مما أدَّى إلى توقُّف مصانع التركيب وتسريح العمال وتأزيم الوضع الاقتصادي أكثر مما هو عليه.
كما آن الأوان للرئيس الجديد أن يحقِّق التنويع الاقتصادي في البلاد على أرض الواقع، وأن يجد البدائل المستقبلية الممكنة للتبعية النفطية كسبيل للخروج من الحلقة المفرغة التي لم ينجح الاقتصاد في الفكاك منها حتى الآن، وعليه اتِّخاذ الإجراءات اللازمة لبناء مناخ جاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية لإحياء رأس المال الميت، وتمكين المستثمرين، سواءً كانوا أجانب أو محليين، من دخول السوق الجزائري بمشاريع جديدة والعمل فيها بكفاءة أكبر وبسلاسة أكثر.
كما ينبغي على الرئيس عبد المجيد تبون الحرص على تحقيق التوازن بين تراكم الثروة والتوزيع العادل لعوائدها حتى لا يحوك مؤامرة ضدّ نفسه، فالأوضاع المزرية التي آلت إليها البلاد وأحوال المواطنين لا تحتمل أن يتمّ تحقيق تراكم الثروة اليوم وإرجاء مسائل الفقر والمساواة إلى الغد الذي قد لا يأتي.
وعلى العموم، يجب على الرئيس الجديد العمل بجدية على تحسين الأوضاع الاقتصادية للبلاد والشعب، فقد أشارت أحدث النتائج الأساسية لاستطلاع الرأي الذي قام به الباروميتر العربي في الجزائر خلال الفترة الممتدة ما بين 30 يناير/كانون الثاني و18 فبراير/شباط 2019 إلى أنّ ما يقارب نصف المستجوبين أفادوا بأنّ الاقتصاد هو مشكلة البلاد الرئيسية، كما أفادت نسبة تكاد تكون مماثلة بأنّ الفساد ونوعية الخدمات العامة المقدمة للمواطنين هما التحدي الأكبر الذي يواجه البلاد وصانعي السياسات.
وقد أكَّدت نتائج الاستطلاع مرارة الواقع ولطَّخت حلاوة الخطابات السياسية، حيث أشار شخص واحد من كل 10 أشخاص مستجوبين إلى أنّ الحكومة تُحسن التعامل مع ملفات البطالة والتضخّم والحدّ من اللامساواة، بينما عبَّر الباقي عن سخطهم وتذمُّرهم وعدم رضاهم عن السياسات الحكومية المنتهجة إزاء تلك المعضلات القاصمة لظهر الشعب.
خلاصة القول إنّ الرئيس الجديد بحاجة إلى الكثير من المساعدة في اتِّخاذ القرارات الاقتصادية المصيرية الصائبة، وهذا ما يتطلَّب منه أولاً وقبل كل شيء تشكيل مجلس الخبراء الاقتصاديين، أو إعادة إحياء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي وفق أسس وقواعد جديدة على اعتبار أنّ هذا الرئيس سيكون سيّد القرار وليس مجرَّد واجهة تتستَّر وراءها جهات تسيِّر وتتَّخذ القرار من وراء الستار.
يمكنكم قراءة المقال الكامل على موقع العربي الجديد