تُظهر نتائج استطلاعات الباروميتر العربي (2023-2024) أن الحركة باتجاه المساواة الجندرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تعطلت في أفضل تقدير – وتدهورت في أسوأ تقدير. لكن تُظهر النتائج أيضاً وجود حلول ملموسة وقابلة للتنفيذ لإعمال حقوق المرأة. كما توصّل أحدث استطلاعات الباروميتر العربي (2023-2024) إلى أن وجود قريبات عاملات لدى المواطنين والمواطنات له أثر إيجابي مؤكد على آرائهم وآرائهن حول المساواة الجندرية. تتجاوز الآثار الإيجابية الآراء حول عمل المرأة، وهو أمر متوقع. إن المواطنين عبر المنطقة – رجال ونساء – ممن لهم قريبات عاملات يحملون آراء إيجابية أكثر تجاه سلطة المرأة في البيت وكذلك مشاركتها في السياسة.
تعتمد هذه النتائج على سبعة استطلاعات رأي عام ممثلة لمستوى الدول التالية: الأردن، الكويت، المغرب، تونس، فلسطين، لبنان، وموريتانيا، والتي جرى تنفيذها بالمنطقة في عامي 2023 و2024 ضمن الدورة الثامنة للباروميتر العربي. النتائج مترتبة على أكثر من 13 ألف مقابلة عبر المنطقة، بهامش خطأ 3± نقاط أو أقل في كل دولة. ملحوظة: البيانات الخاصة بفلسطين جمعناها بين 28 سبتمبر/أيلول و6 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
فيما يلي بعض النتائج الأساسية من تقرير”توجهات الرأي العام حول الجندر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” الذي أعدّته مديرة التكنولوجيا والابتكار في الباروميتر العربي د. ماري كلير روش:
- تباين أكبر في العوائق أمام النساء في سوق العمل: يُظهر استطلاع الباروميتر العربي (2023-2024) أن ندرة الوظائف وتدني الأجور هما العائقان الأكثر ذكراً لدخول سوق العمل بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء. ومع ذلك، في حين أن هذين العاملين يُعتبران العائقين الرئيسيين لدى 55% إلى 78% من المواطنين في حالة الرجال، فإنهما لا يشكلان أغلبية في حالة النساء، حيث تتراوح النسبة بين 31% و48% فقط. هذا التباين في التصورات يعكس إقرار المواطنين بأن النساء يواجهن مجموعة أوسع من التحديات، بما في ذلك غياب رعاية الأطفال وعدم توفر مرونة في ساعات العمل والتحيز ضدهن في التوظيف، مما يجعل تحديد العائق الأكبر أكثر تنوعاً.
- كلفة رعاية الأطفال كعائق رئيسي: لفهم سبب بقاء رعاية الأطفال كعائق أمام دخول النساء سوق العمل، سأل الباروميتر العربي عن أكبر مشكلة في رعاية الأطفال في الدول المشمولة. تُعتبر تكلفة رعاية الأطفال أكبر مشكلة تواجه النساء في العديد من الدول، بما في ذلك الأردن (43%) وتونس (41%) ولبنان (39%) والكويت (38%). وهناك إجماع بين الرجال والنساء على أن تكلفة الخدمة هي أكبر مشكلة في هذا السياق. في فلسطين، أشار 29% من المواطنين إلى أن تكلفة رعاية الأطفال وغياب الخدمة هما العائقين الرئيسيين. بينما في موريتانيا والمغرب، يُعتبر تواضع مستوى الخدمة وعدم توفرها هما الأسباب الأساسية؛ حيث أشار 30% من المواطنين في المغرب وموريتانيا إلى تواضع مستوى الخدمة كعائق رئيسي، و29% في موريتانيا و26% في المغرب إلى عدم توفر الخدمة.
- تباين في دعم المساواة بين الجنسين في فرص العمل : تدعم أغلبية كبيرة من النساء في جميع الدول المشمولة بالاستطلاع المساواة في فرص العمل، حيث تؤيد 90% من النساء في تونس ولبنان، و71% في فلسطين، وهو أدنى مستوى دعم بين النساء. بالمقابل، يُظهر الرجال تبايناً كبيراً في الدعم؛ حيث يُعد الرجال في تونس ولبنان الأكثر دعماً بواقع 77% لكل منهما، بينما الرجال في المغرب والأردن هم الأقل دعماً، بواقع 54% و52% على التوالي.
- تراجع دعم المساواة في فرص العمل: في أحدث دورة من الاستطلاعات، سجلت النسب التالية لدعم المساواة في فرص العمل: لبنان 84%، تونس 83%، الكويت 77%، موريتانيا 67%، فلسطين 65%، المغرب 64%، والأردن 64% .تُظهر نتائج الاستطلاع تراجعاً ملحوظاً في تأييد المساواة في فرص العمل في عدة دول كان قد طُرح فيها هذا السؤال في السابق. في لبنان وفلسطين، انخفض الدعم للمساواة في فرص العمل بواقع خمس نقاط وأربع نقاط مئوية على التوالي منذ 2010-2011، بينما تراجع في المغرب بواقع 11 نقطة مئوية منذ 2007. وفي المقابل، لم يُسجل تغير يذكر في تونس والأردن خلال فترة 12 إلى 17 عاماً.
- تراجع تأييد النساء والرجال للمساواة في العمل: هذا التوجه لا يحركه الرجال وحدهم، إنما النساء أيضاً. في المغرب، النساء أقل إقبالاً حالياً بواقع 11 نقطة مئوية قياساً إلى 2007 على تأييد مقولة ضرورة المساواة في فرص العمل. وعبر نفس الفترة الزمنية، قلّ إقبال النساء الفلسطينيات حالياً بواقع 9 نقاط مئوية على تأييد المقولة. وبينما تراجع تأييد النساء اللبنانيات بدرجة طفيفة منذ 2012، تراجع تأييد الرجال في لبنان بواقع 8 نقاط مئوية. والإيجابي هنا أن تأييد الرجال في تونس قد زاد بواقع 5 نقاط مئوية.
- زيادة التأييد لفكرة القول الفصل للرجل في القرارات الأسرية : في أحدث دورة من الاستطلاعات، سجلت النسب التالية لتأييد مقولة القول الفصل للرجل في القرارات الأسرية: المغرب 61%، الأردن 59%، موريتانيا 58%، تونس 53%، الكويت 53%، فلسطين 49%، ولبنان 37%. شهدت أربع من الدول السبع التي شملها الاستطلاع زيادة في تأييد هذه المقولة، وهي الأردن والمغرب وفلسطين وتونس. وفي الدول الأخرى، إما زاد الإقبال عليه بشكل طفيف (في الكويت ولبنان) أو قل بشكل طفيف (في موريتانيا)، بنسب لا تمثل تغييراً يُذكر. في الأردن والمغرب، زاد تأييد فكرة أن يكون للرجل القول الفصل في القرارات الأسرية ليصل إلى أعلى مستوى دعم لهما منذ بدء استطلاعات الباروميتر العربي، بعد فترة من التراجع الحاد بين 2016 و2018، تلاه زيادة بطيئة في التأييد. في تونس، شهدت أكبر زيادة في التأييد لهذه الفكرة، حيث ارتفعت بنسبة 10 نقاط مئوية بين عامي 2021 و2023.
- زيادة تأييد النساء لفكرة القول الفصل للرجل في الأسرة: منذ عام 2021، زادت معدلات تأييد النساء لفكرة أن يكون للرجل القول الفصل في قرارات الأسرة في جميع الدول المستطلعة باستثناء موريتانيا. وشهدت النساء المغربيات أكبر زيادة بواقع 16 نقطة مئوية، حيث ارتفعت النسبة من 37% في 2022 إلى 53% في شتاء 2023-2024، بينما زاد تأييد الرجال المغاربة لهذه الفكرة بواقع 3 نقاط مئوية فقط، من 67% إلى 70%. في المقابل، تراجعت نسبة تأييد النساء الموريتانيات من 57% في 2021 إلى 50% في 2024، بينما ظل تأييد الرجال الموريتانيين كما هو دون تغيير (66%) خلال نفس الفترة.
- فجوة بين آراء الرجال والنساء حول مقولة للرجل القول الفصل في الأسرة: رغم الزيادة العامة في دعم مقولة أن يكون للرجل القول الفصل في قرارات الأسرة، تظل هناك فجوة كبيرة بين آراء الجنسين. بينما أكثر من نصف الرجال يؤيدون المقولة في 6 من 7 دول (75% في الكويت و71% في الأردن و70% في المغرب و68% في تونس و66% في موريتانيا و58% في فلسطين)، فإن أقل من نصف النساء يؤيدن المقولة في 5 من 7 دول بالمنطقة (48% في الأردن، 40% في فلسطين، 39% في تونس، 35% في الكويت، 27% في لبنان). حتى في الدول التي تتفق النسب بين الرجال والنساء على مستوى أعلى أو أقل من 50%، فهناك فجوة كبيرة بين آراء الجنسين. النساء المغربيات هن الأكثر تأييداً لفكرة أن يكون للرجل القول الفصل في قرارات الأسرة، بواقع 53% يؤيدن هذه المقولة أو يؤيدنها بشدة. هذه أغلبية بسيطة، وهي أقل بـ 17 نقطة مئوية من نسبة 70% من الرجال المغاربة المؤيدين للمقولة. على الجانب الآخر، الرجال في لبنان هم الأقل إقبالاً على تأييد المقولة (48%) لكن النساء أقل منهم بكثير (27%).
- تراجع في الدعم للمساواة الجندرية في السياسة: في أحدث دورة من الاستطلاعات، سجلت النسب التالية لتصوّر المواطنات والمواطنين بأن الرجال أفضل في السياسة من النساء: الأردن 74%، الكويت 74%، فلسطين 64%، موريتانيا 60%، المغرب 57%، تونس 52%، ولبنان 44%. في ست من سبع دول شملها الاستطلاع، زاد الاتفاق مع مقولة “بشكل عام، الرجال أفضل في مناصب القيادة السياسية من النساء” منذ آخر مرة طُرح السؤال في استطلاعات 2021-2022. بالنسبة للدول التي يمكن إجراء المقارنة فيها زمنياً، جاءت هذه الزيادة في الإقبال على تأييد المقولة المذكورة بمعدلات تساوي أو تفوق تلك المرصودة قبل عشر سنوات. فلسطين هي الاستثناء، حيث استمر التراجع في التأييد، وإن كان الاختلاف عن معدلات الدورة السابعة في 2021 لا يُذكر.
- زيادة كبيرة في تأييد النساء لتفوق الرجال في السياسة: في الأردن وموريتانيا والمغرب والكويت، ارتفعت نسبة النساء اللاتي يعتقدن أن الرجال أفضل في السياسة بأكثر من زيادة الرجال. في الكويت، ارتفعت نسبة النساء اللاتي يؤيدن هذه المقولة بواقع 13 نقطة مئوية، مقارنة بزيادة 4 نقاط مئوية بين الرجال. في الأردن والمغرب وموريتانيا، زاد دعم النساء لهذه المقولة بأكثر من 10 نقاط مئوية، بينما زاد دعم الرجال بأقل من 10 نقاط مئوية. في تونس، ارتفع تفضيل القيادة السياسية للرجال بمقدار 11 نقطة مئوية بين الرجال و12 نقطة مئوية بين النساء.
- فجوة بين الجنسين في التصورات بقدرة النساء على تولي القيادة السياسية: في لبنان، النساء أقل إقبالاً على تأييد مقولة تفوق الرجال على النساء في السياسة بفارق 24 نقطة مئوية مقارنة بالرجال، مما يعكس أكبر فجوة بين الجنسين في هذا الشأن. ويُلاحظ أن الرجال في لبنان أقل إقبالاً على تأييد هذه المقولة (56%) مقارنة بالرجال في أية دولة أخرى شملها الاستطلاع في 2023-2024. بالمقابل، الفلسطينيون والفلسطينيات أظهروا أقل فجوة بين الجنسين في تأييد هذا الرأي، وإن كانت النساء أقل تأييدًا للمقولة بواقع 6 نقاط مئوية مقارنة بالرجال.
- دعم قوي لتمثيل النساء في السياسة: رغم قول المواطنين أن الرجال قد يكونوا أفضل في المناصب القيادية السياسية من النساء، فهناك إرادة قائمة لزيادة تمثيل المرأة في السياسة. بينما تراجعت التصورات بقدرة النساء على الاشتغال بالعمل السياسي مثل قدرة الرجال، فإن الأغلبية في جميع الدول المشمولة بالاستطلاع تدعم تخصيص حصة للنساء في المناصب الوزارية والمقاعد البرلمانية، وتعتقد أن وجود النساء في مناصب قيادة سياسية تؤدي لإعمال حقوق المرأة.
- أثر القريبات العاملات على المواقف الجندرية : لقد توصل أحدث استطلاعات الباروميتر العربي إلى وجود أثر إيجابي مؤكد لوجود قريبات عاملات للمواطنين والمواطنات، على آرائهم وآرائهن حول المساواة الجندرية. تتجاوز الآثار الإيجابية الآراء حول عمل المرأة، وهو أمر متوقع. إن المواطنين عبر المنطقة – رجال ونساء – ممن لهم قريبات عاملات يحملون آراء إيجابية أكثر تجاه سلطة المرأة في البيت وكذلك مشاركتها في السياسة.
لمزيد من الرؤى والمعلومات يُرجى قراءة التقرير الكامل.
// انتهى
موارد الباروميتر العربي
- الموقع: www.arabbarometer.org/ar
- موارد لوسائل الإعلام: www.arabbarometer.org/ar/media-news
- أسئلة شائعة: www.arabbarometer.org/ar/frequently-asked-questions
- حول الباروميتر العربي: www.arabbarometer.org/ar/about
- المنهجية: /www.arabbarometer.org/ar/survey-data/methodology
عن الباروميتر العربي
الباروميتر العربي هو الشبكة البحثية الرائدة والأعلى تأثيراً لقياس الرأي العام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تأسست الشبكة في عام 2006، وأصبحت أطول الشبكات البحثية خبرة واستمرارية في إجراء استطلاعات رأي عام مدققة وممثلة لمستوى الدول عبر العالم العربي. إننا ننشر نتائج تحليلاتنا وتقاريرنا لتعميق المناقشات العامة، ولتيسير صوغ حلول تبصّرها المعلومات، للتعامل مع المشكلات المُلحّة التي تواجه المواطنات والمواطنين عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تقرير:الرأي العام تجاه النوع الاجتماعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2023-2024