… وحتى داخل منظومة الحكم الضيقة، أي مؤسستي الأمن والجيش، لا أحد يعرف ماذا يحدث داخلهما، ففي السنوات الأخيرة شهدتا إقالاتٍ وتسريحاتٍ وتغيراتٍ كبيرة مست كبار رموزهما، ومع ذلك لم يحدث شيء، ففي الجزائر كما يقول المثل الشائع “كل شيء يجب أن يتغيّر حتى لا يتغيّر شيء”.
وفي مقابل هذا الغموض في دائرة الحكم الضيقة التي تدير البلاد من وراء ستار، تنتشر لا مبالاةٌ كبيرةٌ بين الجزائريين الذين لم يعودوا يثقون بالحكم الذي يجهلون من هو صاحب القرار الفعلي داخل مربّعه، ونفروا من أحزابهم السياسية، ومن مؤسّساتهم المنتخبة، ومن نخبهم وإعلامهم. ففي مسحٍ أجرته شبكة الباروميتر العربي عام 2017، قال 83% من الجزائريين المستطلعين إنهم غير مهتمين أو غير مهتمين على الإطلاق بالسياسة، في حين أعرب 4% فقط عن اهتمامهم الشديد بالسياسة. وفي المقابل، أظهر البحث نفسه أن أكثر من ثلاثة أرباع الشعب الجزائري يثقون بالجيش والأمن أكثر من أي مؤسساتٍ سياسية أخرى، فالجزائريون يعتقدون أن الفضل يعود إلى الجيش الذي أنهى الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، والطبقة السياسية كما النخبة ينظرون إليه ساتراً يحول دون وصول الإسلاميين إلى السلطة. وهناك اعتقاد كبير لدى مراقبين أجانب كثيرين، ومتابعين للشأن الجزائري، بأن الجيش هو فعلاً من يحكم، ولكن من وراء الستار، فلا يمكن لأي مرشحٍ للرئاسة، بدون تزكيتهم، أن يصل إلى الحكم.