لا تلجأ سوى 9 في المئة منهن إلى الشرطة و13 في المئة إلى المستشفيات
البقاء في المنزل يُقلل من خطر الإصابة بفيروس كورونا، لكن هذا لا يعني أنّ الجميع في مأمن عن أخطار أخرى، وما يُسهم في تراجع عدد الإصابات بوباء كوفيد 19، قد يُضاعف معاناة ضحايا العنف المنزلي.
ووفق تقرير للمندوبة السامية للتخطيط (مؤسسة حكومية للاحصاء حكومية)، فإنّ المنزل من أكثر الأمكنة التي تتعرض فيها النساء المغربيات للعنف، بنسبة 52 في المئة (6.1 مليون امرأة).
ويُشير التقرير إلى أنّ من بين 13.4 مليون امرأة مغربية تراوح أعمارهنّ بين 15 و74 سنة، أي أكثر من 7.6 مليون وهو ما يُمثل 57 من النساء، تعرضن لنوع واحد من العنف على الأقل.
ويرى حقوقيون مغاربة أن النساء يتعرضن لعنف مضاعف خلال فترة الحجر الصحي لكنهنّ عاجزات عن اللجوء إلى أقاربهنّ والخروج من المنزل.
“يُعنفني لأتفه الأسباب، يُكسر جميع الأواني، ويُحملني مسؤولية ما يعيشه من مشاكل مادية”، تقول مينة.
وتعيش مينة البالغة من العمر 31 سنة في حي المحمدي في ضواحي مدينة الدار البيضاء. وكانت تعمل في محل لبيع الوجبات السريعة قبل أن يُفرض الحجر الصحي وتُضطر إلى ملازمة المنزل.
تُضيف لـ”اندبندنت عربية”، “في السابق كُنت أعمل طوال اليوم، كان أطفالي في المدرسة، أما زوجي فكان يعمل بشكل موسمي، ويقضي معظم وقته في المقهى مع أصدقائه، كنا نادراً ما نتشاجر”.
“يتألمون عندما يشاهدونه يعنفني”
وتعتبر مينة أنّ تعاطي زوجها المخدرات، وفقدانهما معاً العمل، من أسباب تعرضها للعنف، مضيفةً “أطفالي لا يدرسون في البيت، لأنهم يخافون منه، ويخشون أن يغضب ويُعنفهم، يتألمون عندما يُشاهدونه يُعنفني من دون سبب”.
تقيم عائلة مينة في مدينة بني ملال، وبسبب الحجر الصحي وتوقف الرحلات بين المدن، يصعب عليها اللجوء إلى عائلتها هرباً من عنف زوجها.
تتابع مينة “أعيش لحظات صعبة، كل شيء مغلق، وأنا عاجزة عن الخروج وأخذ أطفالي إلى عائلتي، مُضطرة إلى تحمل عنفه الذي يتضاعف يوماً بعد يوم، هو يستغل كل هذا ليشعرني بأنني لا أساوي شيئاً”.
“يُعبر عن عجزه بالعنف”
“إنّه شخص لا يتواصل، يُعبر عن عجزه بالعنف”، هكذا تصف أم آدم شخصية زوجها خلال فترة الحجر الصحي.
أم آدم موظفة، وبسبب ظروف الحجر الصحي، اضطرت إلى ممارسة عملها من المنزل.
وتُرجِع سبب خلافها مع زوجها إلى “مشاكل في التواصل”. وتُضيف “يُعنفني جسدياً، لأنه لا يُعجبه حديثي”.
وتقول في حديثها إلى “اندبندنت عربية”، “أشعر بالحزن الشديد، لأنه يجب أن أعمل من البيت وأهتم بأطفالي ودراستهم، وفي الوقت نفسه أتحمل عنفه اليومي”.
60 في المئة من المعنفات يلجأن إلى القريب
ووفقاً لتقرير عن التحرش الجنسي والعنف المنزلي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نشرته مؤسسة الباروميتر العربي، فإنّ 60 في المئة من النساء المعنفات في المغرب يلجأن إلى قريب، و44 في المئة منهنّ يلجأن إلى قريبة.
بينما لا تلجأ سوى 9 في المئة منهنّ إلى الشرطة، و13 في المئة إلى المستشفيات، ولا تتجاوز نسبة المعنفات اللواتي يلجأن إلى المنظمات المحلية سوى واحد في المئة.
نساء يرفضن إبلاغ الشرطة
يتوقّع أحمد بوهية رئيس جمعية المواطنة والإنصاف في مدينة تارودانت جنوب المغرب، أنّ “تتضاعف نسبة النساء والأطفال الذين يتعرضون للعنف خلال فترة الحجر”.
يضيف بوهية في حديث إلى “اندبندنت عربية”، “أتواصل هاتفياً مع نساء ضحايا عنف في مختلف أشكاله، ولا يستطعن اللجوء إلى عائلاتهنّ بسبب توقيف الرحلات بين المدن، وعندما أطلب منهنّ الإذن لإبلاغ الشرطة بما يحدث لهنّ، يرفضن ذلك خوفاً من الزوج”.
ويُؤكد أنّ النساء المعنفات كنّ يلجأن في السابق إلى أقاربهنّ، ويعزو عدم لجوئهنّ إلى الشرطة إلى “أنّهنّ يفتقدن إلى الشجاعة والجرأة، ولأنه في حالات كثيرة يُطلب من المرأة المعنفة خلال تبليغها عن زوجها، وجود شاهد يُؤكد صحة ما تعرضت له من عنف في المنزل”.
ويدعو إلى “إطلاق حملات توعية لتحسيس النساء بأهمية اللجوء إلى الشرطة، وعدم الصمت على العنف الذي يتعرضن له خلال هذه الفترة الصعبة”.
“كلنا معك”
أعلن الاتحاد الوطني لنساء المغرب أنّه سيعمل بشكل مكثف، خلال هذه الفترة من الحجر الصحي من أجل التوعية بشكل أكبر، عبر منصة الاستماع والدعم والتوجيه تحمل اسم “كلنا معك”.
وأوضح الاتحاد في بيان أنّ “هذه المنصة المخصصة للاستماع والدعم والتوجيه، والموجهة أساساً لفائدة النساء والفتيات في وضعية هشة تلتزم طيلة هذه الفترة من الحجر الصحي، وعلى مدى أيام الأسبوع يقدم الدعم اللازم للنساء والفتيات ضحايا العنف، وذلك عبر خط الهاتف المباشر (8350) أو عبر التطبيق المحمول”.
وتتلقى جمعية التحدي للمساواة والمواطنة اتصالات عبر تطبيق واتساب والهاتف، من سيدات معنفات منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية.
ووضعت الجمعية أرقاماً هاتفية للبقاء على اتصال مع النساء ضحايا العنف والاستماع إليهنّ.
وفي الوقت الذي استطاعت أم آدم ومينة الحديث إلى”اندبندنت عربية” عبر الهاتف عن معاناتهنّ مع العنف الزوجي، فإنّ عدداً كبيراً من النساء ضحايا العنف المنزلي يجدن صعوبة في التواصل والحديث عما يتعرضن له من عنف خلف الأبواب المغلقة.
يمكن قراءة المقال الأصلي على موقع Independent عربية