الباروميتر العربي يكشف عن نتائج استطلاع الرأي الموسّع في الأردن

نفّذ الباروميتر العربي أكثر استطلاع رأي تعمقاً في الأردن من بين استطلاعات الرأي المتوفرة علناً، خلال فترة حرجة تميزت بعودة التحديات الاقتصادية والإدارية الحكومية، والتي تفاقمت إثر هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والحملة العسكرية الإسرائيلية التالية عليه في غزة. يظهر بقوة من نتائج الاستطلاع آثار الحرب في غزة، التي لم يقتصر تأثيرها على تشكيل آراء المواطنين في الأردن إزاء الأطراف الدولية فقط، إنما امتد التأثير أيضاً إلى تصوراتهم حول القضايا الداخلية في الأردن.

بين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 و10 يناير/كانون الثاني 2024، نفذت شبكة الباروميتر العربي البحثية مقابلات وجهاً لوجه مع 2400 أردنية وأردني، وغطّت المقابلات باقة عريضة من القضايا، في الملف الاقتصادي، وحول الثقة السياسية والحريات المدنية والعلاقات الدولية ووضع المرأة والبيئة.

أجرى الاستطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية ، شريك الباروميتر العربي الوطني في الأردن، وكان قد جرى تنفيذ الاستطلاع السابق بالأردن في 2022.

تشمل النتائج الأساسية لاستطلاع الباروميتر العربي في الأردن 2023-2024 ما يلي:

اعتبار حرب إسرائيل على غزة إبادة جماعية: تصورات الأردنيين

  • وصف أردنيون كثيرون أحداث غزة بمسمى “الإبادة الجماعية” (44%) أو “المذبحة” (28%)، ما يعكس الآراء القوية في مطلع الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة. نُفِذ الاستطلاع بعد نحو سبعة أسابيع من بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وانتهت أعماله بعد حوالي ثلاثة أشهر من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي شنته حماس.
  • يرى الأردنيون بنسب كبيرة أن بلدهم هو المدافع الأول عن حقوق الفلسطينيين (66%)، وبعده بمسافة كبيرة تأتي قطر (34%). كما أن نحو الربع (24%) يرون أن مصر تدافع عن حقوق الفلسطينيين، بينما أعزى 17% هذا الدور إلى تركيا، و12% للسعودية.
  • في المقابل، يرى الناس بصورة كبيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بالدفاع عن حقوق الإسرائيليين (81%) وبعدها في الترتيب الاتحاد الأوروبي (33%) ثم الأمم المتحدة (29%). كذلك يقول 22% من الأردنيين إن الإمارات تدافع عن حقوق الإسرائيليين، وتبلغ نسبة من ينسبون هذا القول إلى السعودية 15%.

آثار حرب إسرائيل في غزة على آراء الأردنيين حول العلاقات الدولية والإقليمية

  • تراجعت كثيراً شعبية الدول الغربية – لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة – عند الأردنيين، منذ عام 2022؛ إذ شهدت شعبية الولايات المتحدة الأمريكية تراجعاً بواقع 23 نقطة مئوية، لتصل 28%، وتراجعت شعبية المملكة المتحدة 11 نقطة مئوية، إلى 39%. يتماثل دعم الأردنيين للولايات المتحدة الأمريكية مع دعمهم لإيران، التي لا يفضلها إلا ربع الأردنيين. يعكس هذا التراجع تصورات الأردنيين حول الدعم الغربي لإسرائيل أثناء الحرب في غزة.
  • على النقيض، طرأ تحسن ملحوظ في تقدير الأردنيين لروسيا والصين؛ إذ زادت نسبة من يحبذون السياسة الخارجية الصينية بواقع 16 نقطة مئوية، إلى 67%، وبالنسبة لروسيا بلغت الزيادة 8 نقاط مئوية لتبلغ 47%. تُظهر هذه التحولات إعادة تقييم المواطنين والمواطنات للتحالفات العالمية للأردن، وربما تأثرت بمواقف هذه الدول من حرب غزة، مقارنة بمواقف القوى الغربية.

التحديات الاقتصادية

  • يرى 57% من الأردنيين أن الوضع الاقتصادي للبلاد حرج، ومن وراء هذه النسبة الكبيرة يعتبر 23% أن الفساد منتشر.
  • يصنف 22% فحسب من المواطنين الظروف الاقتصادية بصفتها جيدة أو جيدة جداً، وهي زيادة ملحوظة بواقع 7 نقاط مئوية منذ استطلاع 2022، وانعكاس لمسار انحسار تصورات المواطنين المتراجعة بملف الاقتصاد، المرصودة من الفترة 2016-2022.
  • قد يُنسب هذا التغير في الآراء إما إلى انتهاء كوفيد أو تراجع معدلات التضخم، أو ربما سببه هو “الالتفاف حول الراية”، بسبب دعم الحكومة الأردنية لسكان غزة.
  • رأى المواطنون أن نقص فرص العمل هو المشكل الاقتصادي الأساسي، بواقع 32%، ثم التضخم (22%) وتدني الأجور (20%) والفقر (14%).
  • على الرغم من أوجه التحسن الطفيف، فالتفاؤل إزاء مستقبل الأردن الاقتصادي ما يزال على مستوى منخفض، عند نسبة 27%، وقد زادت هذه النسبة بواقع 3 نقاط منذ 2022، لكنها لا تزال أقل بكثير من معدلات 2012 (42% حينئذ).

انعدام الأمن الغذائي

  • لقد اتضح من التحديات المرتبطة بالغذاء حجم التحديات الاقتصادية، حيث ذكر 72% توفر الطعام و76% ذكروا أسعاره كمشكلة كبيرة أو متوسطة. أفاد الثلثان تقريباً بأن الطعام ينفد منهم قبل توفر النقود لشراء المزيد، ما يعكس زيادة بواقع 20% في هذه النسبة على مدار أخر عامين، وهو الأمر الذي يسلط الضوء على مشكلة كفاية الغذاء للعديد من العائلات الأردنية.
  • تعد التحديات الغذائية مشكلة عامة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن الكثير من الأردنيين يعتبروها مسألة داخلية، وينسبوها بالأساس إلى سوء الإدارة الحكومية (43%) والتضخم (27%) مع ذكر نسبة أقل لتفاوت النصيب من الثروة (10%) ثم التغير المناخي (4%) والحرب في أوكرانيا (3%).

الأولويات الاقتصادية والتفضيلات لأولويات العمل الحكومي

  • إن حل المشكلات الاقتصادية الأردنية يتطلب إصلاحات موسعة، رغم عدم وجود إجماع على أولويات العمل الحكومي؛ إذ أن أغلب الأردنيين يعلون أولوية تهيئة فرص العمل (37%) ثم عمل الحكومة على رفع الأجور (27%) والحد من التضخم (20%)، مع نيل ملفات العمل الحكومي الأخرى التي يرونها مناط أولوية لنسب دعم أقل بكثير، وتتراوح بين إصلاح التعليم والاستثمار الأجنبي المباشر ودعم الأعمال الصغيرة.
  • يُعلي المواطن الأردني أولوية خفض تكاليف الضرورات اليومية، على تحسين جودة الخدمات الأساسية على المدى البعيد. هناك أغلبية واضحة (62%) تركز على ضرورة زيادة الدعم كأولوية للإنفاق الحكومي خلال السنة المقبلة. ويرى 13% فقط أن الأولوية في الإنفاق يجب أن تذهب للرعاية الصحية، و12% قالوا المثل عن منظومة التعليم، و5% ذكروا أولويات أخرى مثل الإنفاق على البنية التحتية أو الأمن الوطني، ما يؤشر بتفضيل قوي للإجراءات القادرة على تقليل كلفة المعيشة، في مقابل تحسين جودة الخدمات الأساسية.

الثقة في المؤسسات السياسية

  • شهدت الثقة في المؤسسات السياسية الأردنية انعكاساً لمسارها، إذ زادت كثيراً معدلات الثقة في الحكومة (39%) ورئيس الوزراء بشير الخصاونة (38%) ويُرجح أن هذه الزيادة تأثرت بدعم الأردن القوي للقضية الفلسطينية أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة، خصوصاً كما يظهر في استطلاع الباروميتر العربي الذي أُجري في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024. وظلت معدلات الثقة في مؤسسات المجتمع المدني كما هي لم تتغير منذ 2022 (بواقع 45%).

الأداء الحكومي

  • أظهرت تصنيفات المواطنين للأداء الحكومي في الأردن – التي تتراجع منذ 2016 – انعكاساً في مسارها، مع تزايد نسب الرضا عن الأداء الحكومي بواقع 8 نقاط مئوية مقارنة بـ 2022، لتصل 45%، وإن كان سكان الحضر والأفراد الأعلى نصيباً من الثروة هم الأكثر رضا عموماً.
  • أعرب الأردنيون عن أعلى مستويات الرضا عن الأداء الحكومي في ملف الدفاع المدني (96%) ثم مرافق الكهرباء (86%) وتوفر الإنترنت (79%) والمياه (76%) وجمع القمامة (66%)، بينما نالت الصحة والتعليم تصنيفات رضا أقل قليلاً (62% في الملفين).
  • في الوقت نفسه، كانت تصنيفات المواطنين لأداء الحكومة في الملفات الاقتصادية أقل بدرجة ملحوظة، حيث بلغ الرضا عن جهود التعامل مع انعدام المساواة في الدخل 19%، وبلغت نسبة الرضا عن الأداء فيما يخص التضخم 15%، وهي 13% بالنسبة إلى تهيئة فرص العمل، وهو ما يتناقض بقوة مع مستوى الرضا الكبير (89%) عن توفير الأمن والنظام. يُظهر هذا التباين أن التحديات الاقتصادية بالأردن لها دور بارز في تشكيل التصنيفات الإجمالية للمواطنين عن الأداء الحكومي.

الفساد

  • لا تزال تصورات المواطنين حول انتشار الفساد في مؤسسات الدولة قوية، إذ ذكر 82% من المواطنين الفساد بصفته مشكلة كبيرة، وإن كانت هذه النسبة قد تراجعت من 88% في 2022. في الوقت نفسه، يرى 46% في أوائل عام 2024 أن الحكومة تتعامل بجدية مع مشكلة الفساد، بعد أن كانت النسبة تبلغ الثلث في 2022، لكنها لا تزال أقل من نسب 2016 وما قبلها.

الهجرة

  • هناك نسبة كبيرة من الأردنيين – لا سيما في أوساط الشباب الحاصلين على التعليم العالي – تفكر في الهجرة. في أوائل عام 2024، أعرب 42% من الأردنيين عن الرغبة في الهجرة، بعد أن كانت النسبة 22% في 2016، وتبين أن الأسباب الاقتصادية هي المحرك الأول لهذا الإقبال المتزايد.
  • الشباب الأردني في الشريحة العمرية 18 إلى 29 عاماً هم المقبلون بصورة خاصة على الهجرة، حيث قال 54% من هذه الشريحة إنهم يرغبون فيها. كذلك يرتبط تحصيل التعليم العالي بالرغبة في الهجرة، حيث أن نصف الحاصلين على درجة جامعية يفكرون في مغادرة البلاد، مقارنة بـ 38% من أصحاب التعليم الثانوي أو المستويات التعليمية الأقل.
  • على الرغم من الدوافع الاقتصادية المحركة للهجرة من الأردن، فإن 19% فقط من المهاجرين المحتملين قد يقبلون على الهجرة دون توفر الأوراق الرسمية اللازمة.

المشاركة السياسية

  • زاد الاهتمام بالسياسة في أوساط الأردنيين منذ عام 2022، إذ يعرب الربع في أوائل عام 2024 عن مستوى من الاهتمام بالسياسة، وهي النسبة التي زادت 8 نقاط مئوية. على النقيض من الوضع في العديد من دول المنطقة، فمشاركة الشباب في السياسة تناهز نسب مشاركة الأكبر سناً، لكن ثمة تفاوتات كبيرة بناء على مستوى التعليم.
  • أظهر الأردنيون اهتماماً كبيراً بالسياسة عبر مشاركتهم في المسيرات السلمية، التي زادت حتى بلغت خُمس (21%) المواطنين، الذين شاركوا في مسيرات على مدار الاثني عشر شهراً التي سبقت فترة الاستطلاع في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024، وهي نسبة عالية على المستوى العالمي. هذه الزيادة الحادة من 3 بالمئة في 2022 سببها على الأغلب انتهاء قيود فترة كوفيد، ورد الفعل الجماهيري القوي إزاء الحرب في غزة.
  • وتبين أن مقاطعة العلامات التجارية شكل سائد آخر من أشكال الفعل السياسي في الأردن في أوائل عام 2024؛ إذ ذكر 63% من المبحوثين مقاطعتهم لعلامات تجارية. نظراً لتوقيت الاستطلاع – بعد اندلاع الحرب في غزة – ربما تحققت هذه النسب المرتفعة على خلفية دعوات المقاطعة للعلامات التجارية التي توجد تصورات بدعمها لإسرائيل.
  • من أشكال الحراك السياسي الأخرى المرصودة التواصل مع المسؤولين الحكوميين عبر الواسطة (12%) أو مواقع التواصل (9%) أو تقديم آراء ومواقف سياسية عبر أعمال فنية (12%) أو توقيع العرائض (7%).

الحريات

  • شهدت السنوات الأخيرة الكثير من التفاوت في تصورات الناس عن توفر الحريات الأساسية، مع تراجع هذه التصورات بدرجة ملحوظة حول حرية التعبير، من 77% اعتبروها من الحريات المضمونة في 2016، إلى 36% في 2022، ويُرجح أن التراجع كان سببه التضييقات المرتبطة بكوفيد. لكن انعكس الاتجاه بقوة منذ 2022، حيث زادت النسبة في أوائل عام 2024 إلى 59%، الذين يعتبرون أن حرية التعبير مضمونة بدرجة كبيرة أو متوسطة.
  • كما شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في تصورات الأردنيين عن ضمان حريتهم في التظاهر السلمي، من 25% في 2022 إلى نحو النصف (51%) في أوائل عام 2024. ذلك التراجع السابق في 2022 يُرجح أنه انعكاس للتدابير المتخذة بسبب جائحة كوفيد على التجمعات العامة، وقد طرأت بعده ارتدادة قوية، مدفوعة جزئياً بالمظاهرات والمسيرات التي خرجت رداً على العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.

فهم الديمقراطية بما يتجاوز صناديق الاقتراع

  • يؤمن الأردنيون بقوة بأن الديمقراطية هي أفضل نظام سياسي (84%) لكنهم يفهمون الديمقراطية بصفتها أشمل بكثير من تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، فهم يعتبرون أن المؤشر الأقرب لتعريفها هو حماية حقوق الإنسان الأساسية وتوفير الضرورات الأساسية للمواطنين كافة.

جاء في استطلاع الباروميتر العربي للرأي في الأردن 2023-2024 أيضاً ما يلي:

الآراء حول المساواة بين الجنسين وتحديات أماكن العمل  

  • رغم الدعم الكبير للمساواة بين الجنسين في بعض جوانب الحياة، مثل حقوق الزواج (92% أكدوا على ضرورة المساواة بين الجنسين في قرارات الزواج) والتمثيل السياسي (71% دعموا وجود حصة للمرأة في البرلمان و69% لتمثيل المرأة في الحقائب الوزارية)، يستمر التحيز. هناك أغلبية ترى أن الرجال أفضل في مناصب القيادة السياسية (74%) وأنه من الضروري أن يكون للرجل القول الفصل في قرارات الأسرة (59%).
  • تشمل المعوقات المتصورة لعمل المرأة في الأردن عدم توفر الوظائف للنساء (27%) ومشكلات رعاية الأطفال (17%) وتدني الأجور (16%) والتحيز ضد المرأة (14%). والنساء أكثر من الرجال بكثير في اعتبار مشكلات رعاية الأطفال عائقاً (21% مقابل 13%) في حين أن الرجال أكثر إقبالاً على اعتبار التحيز ضد النساء عائقاً لعمل المرأة (19% مقابل 9%).

التحديات البيئية

  • تعد التحديات المرتبطة بالمياه هي الشاغل الأول في ملف البيئة بالنسبة للأردنيين، إذ أشار النصف (47%) إلى تحديات مثل نقص موارد المياه (28%) وتلوث مياه الشرب (17%) وتلوث المسطحات المائية الجارية (2%). تشمل التحديات البيئية الأخرى التي تشغل الأردنيين إدارة القمامة والنفايات (12%) وجودة الهواء (9%) وعدم كفاءة استخدام الطاقة (9%).
  • يدعم أغلب الأردنيين التحركات البيئية لتخفيف آثار تغير المناخ، إذ يعلي 95% أولوية تطوير طاقات بديلة، ويفضل 75% التخلص من الوقود الأحفوري تدريجياً، ويدعم 74% وضع موعد نهائي لإيقاف السيارات الملوثة للبيئة عن العمل، ما يسلط الضوء على قابلية الأردنيين المرجحة لدعم التغيرات الكبيرة من أجل حماية البيئة.

لمزيد من الرؤى والمعلومات يُرجى قراءة التقرير الكامل.

نرجو نسب المعلومات الواردة أعلاه إلى الباروميتر العربي في حال النشر.

// انتهى 


موارد الباروميتر العربي

لمزيد من المعلومات، يمكن التواصل مع أسيل العلائلي، مديرة العلامة التجارية، التسويق والاتصالات العالمية على: aalayli@princeton.edu