انها طينية اللون، لا تُشرب
في جلسة نقاشية مفتوحة جمعت بين مسؤولين عراقيين عن قطاع المياه وبين شخصيات أوروبية ووسائل إعلام في مدينة لاهاي الهولندية، بدا لي ان غالبية المسؤولين العراقيين لا يقرأون ما يحدث في بلدانهم قبل الذهاب الى المؤتمرات والمنتديات الدولية. لقد تحدث المسؤولون العراقيون أمام الأوروبيين في تلك الجلسة النقاشية التي عقدت في نهاية شهر شباط 2019 ضمن برامج مؤتمر (مبادرة الأمن الكوكبي) في لاهاي، عن توفير المياه الصالحة للشرب والخدمات المائية التي تقدمها حكومتهم للمواطنين والحاجة لتقديم المزيد، بشكل أثار فضول الحضور.
في الحقيقة لا يشرب العراقيون من شبكة توزيع مياه الإسالة ولم يقدم المسؤولون العراقيون سوى صورة غير محمضة عن المياه، لأنها طينية اللون و”ما تنشرب”، كما قالت زميلة صحفية حضرت الجلسة النقاشية ذاتها. لقد واجهت الزميلة الصحفية مسؤولي بلادها بحقائق مرّة عن الواقع المائي والحالة المزرية التي تعاني منها شبكات توزيع المياه حتى في العاصمة بغداد، وكشفت في الوقت ذاته عن أمر مهم آخر وهو فصل تام بين “التمثيل الرسمي” وبين المواقع المُعاش في المؤتمرات واللقاءات الدولية. وفي الغالب لا يطغي “الرسمي” على الواقع فحسب، بل يخفيه ويغير معطياته عبر خطابات يكتبها موظفون اجرائيون في الوزارات الحكومية كما حدث في مؤتمر (مبادرة الأمن الكوكبي) في لاهاي.
النفايات تقلق المواطنين
تذكرت قصة لقاء لاهاي وأنا أقرأ استطلاعات رأي يعود تاريخ اجراءها جزء منها الى عامي 2018-2019 وجزء آخر الى الأعوام الثلاثة الأخيرة. تكشف هذه الاستطلاعات عن هوة عميقة بين ما يحدث مناخياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبين اهتمام المواطنين بالتدهور البيئي من جهة وبآثار أزمة المناخ التي بدت واضحة على مصادر المياه والزراعة والصحة من جهة أخرى. وأظهرت نتائج تلك الاستطلاعات التي أجراها مركز الباروميتر العربي التابع لجامعة برينستون الأمريكية قلق أغلب المواطنين إزاء المياه الملوثة والنفايات بينما أبدوا قلق أقل بالآثار الناجمة عن أزمة المناخ.
وفي استطلاع ثان أجراه الباروميتر العربي في ربيع 2022 حول الموضوع ذاته، حلت المياه الملوثة المرتبة الأولى من اهتمام المواطنين في العالم العربي، تلته مشكلة النفايات ومن ثم جودة الهواء. وعلى رغم آثاره الواضحة في جميع الدول العربية، حل أزمة المناخ المرتبة الأخيرة في نتائج الاستطلاعات، الأمر الذي يكشف عن تقصير واضح من قبل الحكومات ومؤسساتها وكذلك وسائل الإعلام حيال الجمهور العالم وإعلامه حول أزمة المناخ العالمية. ويضاف الى ذلك غياب دور المؤسسات التعليمية في المراحل المتوسطة والثانوية، اذا تعد المخاوف بشأن البيئة – أزمة المناخ أكبر بالنسبة للأفراد ذوي التعليم الجامعي، مقارنة بالأفراد ذوي التعليمي الثانوي بحسب البيانات.
“عند سؤالهم مباشرة عن أزمة المناخ، فإن حوالي نصف المواطنين أو أكثر في 7 دول عربية وفقاً لبيانات الباروميتر العربي يريدون من حكوماتهم أن تفعل المزيد بشأن أزمة المناخ. ولكن عندما نضع أزمة المناخ أو القضايا البيئية على رأس قائمة الأولويات، فإن أقل من 10 في المئة من المواطنين يرون ضرورة ان تكون هذه القضايا على رأس الأولوية القصوى للإنفاق الحكومي”. وتريد نسبة صغيرة للغاية من المواطنين أن يكون أزمة المناخ الأولوية الأولى للأمم المتحدة، أو أن يتم تخصيص مساعدات خارجية لها…
يمكن قراءة المقال الكامل على موقع أخبار الآن