كيف غيرت الحرب على غزة دعم الشارع العربي لحل الدولتين؟

للحرب في غزة آثار كبيرة على الرأي العام عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تبين من نتائج استطلاعات الباروميتر العربي. وكما هو متوقع، تأثرت بالحرب أيضاً الآراء حول كيفية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. بالنظر للمشاهد المأساوية الواردة من غزة، قد يكون من المتوقع أن تتراجع الأصوات الداعمة لعملية السلام مقابل تلك الأكثر راديكالية. لكن نتائج الباروميتر العربي تكشف عن العكس؛ إذ لا يقتصر الأمر على استمرار الإقبال على تبني الدعوة إلى الحل السلمي، إنما يمتد أيضاً إلى زيادة الإقبال على هذا الرأي إبان الحرب في غزة.

في الدورة الثامنة من الاستطلاعات – التي تمت مؤخراً – أُضيف سؤال حول الحل المفضل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كان للسؤال أربع خيارات: حل الدولتين بناء على حدود 1967، ودولة واحدة لليهود والعرب، وكونفدرالية فلسطينية إسرائيلية، وخيار تحديد حل آخر غير المذكور. في أغلب الدول التي شملها الاستطلاع، يختار أغلب المواطنين حل الدولتين بناء على حدود 1967. يشمل هذا نسبة 71 بالمئة في موريتانيا و63 بالمئة في تونس و61 بالمئة في الأردن و59 بالمئة في العراق و54 بالمئة في الكويت. في المغرب، يختار النصف تقريباً (48 بالمئة) حل الدولتين، وكان لبنان هو الاستثناء حيث يختار عدد كبير لا يصل لنسبة النصف (38 بالمئة) حل الدولتين.

وفي جميع الدول، يظل الدعم لحل الدولتين أكبر من دعم حل الدولة الواحدة أو الكونفدرالية، وهما البديلان اللذان ذُكرا كحلول محتملة إضافية. في أكبر النسب المرصودة، يختار 21 بالمئة حل الدولة الواحدة في المغرب، مقارنة بنحو 17 بالمئة يختارون حل الكونفدرالية في لبنان.

وبالنسبة للاختيار الرابع “حل آخر”، يذكر المبحوثون الذين يتبنون هذا الخيار حلهم الخاص. في كل الإجابات المرصودة تقريباً، يشير المبحوثون إلى الحل العسكري أو الرغبة في فلسطين مستقلة تضم الدولة الإسرائيلية. وكان أكبر دعم لهذا الخيار في الكويت (23 بالمئة) والأردن (22 بالمئة) ولبنان (17 بالمئة). وفي جميع الدول الأخرى لا تصل النسب لأكثر من 15 بالمئة، ممن يختارون حلاً “آخرا”.

وبينما يظل دعم حل الدولتين هو الخيار المهيمن على الرأي العام في المنطقة، فقد زاد الإقبال عليه أيضاً منذ دورة الاستطلاعات الأخيرة للباروميتر العربي في 2021-2022. في الكويت، بلغ دعم حل الدولتين 32 بالمئة (2022) وفي أبريل/نيسان 2024 بلغ 54 بالمئة. وأثناء الفترة الزمنية نفسها، ثمة زيادة في الإقبال على هذا الحل في الأردن، فقد صعد من 51 بالمئة إلى 61 بالمئة. وفي المغرب بلغت الزيادة 7 نقاط مئوية، من 41 بالمئة إلى 48 بالمئة، وفي تونس كانت الزيادة 5 نقاط مئوية، وفي موريتانيا طرأت زيادة بواقع 4 نقاط مئوية. في العراق، تراجع الإقبال على حل الدولتين قليلاً، من 63 بالمئة إلى 59 بالمئة، وفي لبنان كان التراجع بواقع 4 نقاط مئوية. لكن في أغلب الدول، ثمة دعم أكبر حالياً لحل الدولتين قياساً إلى ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول.

هذه النتائج تسلط الضوء على أن أغلب الناس في المنطقة – في الدول المشمولة في الاستطلاع – يعتبرون أن الطريقة الوحيدة للوصول لحل طويل الأجل للسلام في الشرق الأوسط تبقى حل الدولتين. رغم الصور المروعة الواردة من غزة التي تظهر على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي، لا تدعم الأغلبية تدمير دولة إسرائيل. وفي الوقت نفسه، هناك التزام واضح بإنشاء فلسطين مستقلة. الطريقة الواقعية الوحيدة لتحقيق هذا الهدف هي دولة فلسطينية متعايشة جنباً إلى جنب مع الدولة اليهودية، وهو ما يُرجح أنه يفسر التزايد في الإقبال على حل الدولتين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.