تفرض الانتخابات الكويتية سؤالين على باحثي العلوم السياسية المتابعين للعالم العربي. أولاً، كيف انتُخبت امرأة واحدة كنائبة برلمانية في بلد ترشحت فيه 13 امرأة، وهو أيضاً بلد فيه العديد من رئيسات مجالس الإدارة؟ ثانياً، لماذا بشكل عام توجد انتخابات كثيرة هكذا؟
طبقاً لبيانات الباروميتر العربي في 2022، فالشباب الكويتي أقل اهتمامًا بالسياسة مقارنة بالأكبر سناً. لكن الأسئلة الأبرز داخل الكويت متصلة أكثر بالأزمة السياسية ودور الشباب في تجاوزها.
لقد أجّلت الأزمة السياسية النمو الاقتصادي في الكويت في حين حققت دول الجوار أهداف التنمية الاقتصادية بشكل أكثر فعالية، طبقاً لأحمد الجارالله كما أوضح في “السياسة”. ينسب الجارالله هذا الوضع إلى غياب القيادة “القوية والقادرة”، موضحاً أنه لا يتوقع انتهاء هذه الأزمة السياسية قريباً.
وتقدم القبس آراء مشابهة وإن كانت أكثر تفاؤلاً من عدة أوجه. قالت أسرار حيات في عمودها: “الانتخابات البرلمانية، ليست مجرد ممارسة ديمقراطية للإدلاء بالأصوات وفوز نواب فحسب، بل يمكن اعتبارها، مصنعا لخلق الابتكار والإبداع في الرؤى والبرامج والخطط بشتى مجالات الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية وغيرها”. لتحقيق نهضة وبرنامج كويتي، تقترح حيات نهجاً ثنائياً. أولاً، يجب أن يعمل المسؤولون المنتخبون مع النواب السابقين على صياغة القوانين. ثانياً، يجب أن يستمع المسؤولون المعينون إلى أصوات الشباب مع تبني الحلول التي يعبرون عنها عبر أنشطتهم السياسية والتي سبق طرحها قبل الانتخابات. يعتبر طرح حيات للحلول متفائلاً لأنه يتعاطى مع فكرة التعاون.
إننا ما زلنا على مسافة نحو 11 عاماً على تحقيق أهداف رؤية 2035، كما قال د. ضاري عادل الحويل في القبس. لم يفت الأوان بعد على السعي لتحقيق الأهداف المتصلة بالتعليم والصحة وغيرها من أشكال رعاية الشباب. على جميع النواب أن يعملوا معاً على تهيئة قوانين وتقديم الإشراف التنظيمي لتحقيق تلك الأهداف التي من شأنها تحسين مستوى الحريات الديمقراطية المنصوص عليها في المادة 92 من الدستور الكويتي. رأي الحويل هذا متفائل لأنه يُظهر التصميم على الحريات المكفولة في الدستور الكويتي واحترامها.
أما رأي الاقتصادي البارز عامر ذياب التميمي في القبس فهو يركز على حلّ آخر يحسّن من جودة حياة الشباب الكويتي، يتمثل في التركيز على “خلق وظائف حقيقية في القطاعين العام والخاص للمتدفقين من المواطنين إلى سوق العمل”. ويضيف التميمي أن تحسين نظم التعليم يدفع باتجاه التوازن السكاني بين المواطنين وغير المواطنين في الكويت في هذا المضمار. ويلاحظ أنه بينما يركز البرلمان على الحلول السياسية، فالتنمية الاقتصادية القائمة ضرورة لا غنى عنها.
إن الركود الاقتصادي الكويتي المنعكس في جميع مؤشرات التنمية الدولية يمكن أن يُنسب إلى هذه الأزمة السياسية، كما أوضح يوسف أحمد الجلاهمة في الرأي. وكتب ثلاثة كُتاب رأي في الأنباء عن تأثير الأزمة السياسية على الحالة المعنوية للمواطنين: د. عبد الهادي عبد الحميد الصالح، وعبد المحسن محمد الحسيني، ومشعل السعيد.
وركز آخرون على إجراءات الحماية البيئية أو على آثارها. كتب عادل نايف المزعل عن أهمية إعادة تدوير النفايات الصناعية. وطالب محمد عبد الحميد الصقر بتقدير رجال فرق الإطفاء الذين يؤدون عملاً شجاعاً، بمنحهم المزيد من الخدمات الصحية. كما أوضح الصقر أن عملهم ضروري لتحسين البيئة في الكويت والموارد المرتبطة بها.
تعكس هذه الردود بعض جوانب الرأي العام التي تناولها تقرير الباروميتر العربي في 2022. فالرأي العام الكويتي يميل بنسبة 44 بالمئة إلى ضرورة أن تكون أولوية الإنفاق الحكومي منصبّة على التعليم، وبعده تحسين الطرق والمواصلات (بنسبة 14 بالمئة) ثم الرعاية الصحية (13 بالمئة). بيانات الرأي العام هذه تعكس ميزانية 2022-2023. طبقاً لوزارة المالية، فالإنفاق الحكومي يُعلي أولوية التعليم (12.4 بالمئة) والصحة (11.52 بالمئة) والنقل (3.37 بالمئة) وحماية البيئة (0.84 بالمئة) من ميزانية إجمالية قوامها 23.5 مليار دينار كويتي (نحو 76.5 مليار دولار أمريكي).
أغلب السكان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أقل من 40 عاماً، وليست الكويت بالاستثناء على هذا. في عصر الإعلام الرقمي، أظهر تقرير الباروميتر العربي في 2022 أن ثلاثة بالمئة فقط من الكويتيين يعتمدون على الصحف كمصدر أساسي للمعلومات. لماذا إذن يعتبر تناول وتحليل مقالات الرأي في الصحف المطبوعة مسألة مهمة؟ لأن هذه الآراء كانت – تاريخياً – هي العنصر الرئيسي في الصحف الذي يكتبه مثقفون كويتيون بالأساس. كما أن هذه الأصوات النخبوية تركز على الحلول للمشاكل التي تواجه الشباب في الكويت. لعل فحص الموضوعات التي تتناولها هذه المقالات يتيح لنا فهم الأسئلة التي يطرحها الآخرون على أنفسهم.
د. مريم الكاظمي أستاذة مشاركة في العلاقات العامة بجامعة فرجينيا كومنولث. الآراء الواردة في هذه المساهمة تعكس وجهة نظر الكاتبة.