قام المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بإجراء استطلاع للرأي بين المسيحيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك في الفترة ما بين 27 كانون ثاني (يناير) -23 شباط (فبراير) 2020. هدف الاستطلاع إلى استكشاف الأسباب التي تدفع بالمسيحيين إلى الهجرة من وطنهم فلسطين إلى دول أخرى والطرق المختلفة التي قد تساهم في الحد من تلك الهجرة. تم إجراء المقابلات وجهاً لوجه مع عينة عشوائية من المسيحيين البالغين بلغ عددها 995 شخصاً وذلك في 98 موقعاً سكنياً في سبع محافظات فلسطينية وكانت نسبة الخطأ +/-3%.
تشير النتائج بوضوح إلى أن نسبة الرغبة في الهجرة بين المسيحيين الفلسطينيين تفوق بكثير نسبة الرغبة في الهجرة بين المسلمين الفلسطينيين. بل إن هذه النسبة تبلغ في الضفة الغربية حوالي ضعف نسبتها بين المسلمين. تقول النسبة الأكبر من الراغبين في الهجرة أنهم يريدون التوجه للولايات المتحدة أو كندا فيما تأتي أوروبا في المرتبة الثالثة. وتقول النسبة الأعظم أن سبب التفكير في الهجرة اقتصادي فيما تقول نسب صغيرة مختلفة أنها تبحث عن فرص للتعليم أو مكان أكثر أمناً واستقراراً أو أقل فساداً أو أكثر حرية وتسامح ديني.
لكن الاستطلاع وجد أسباباً أخرى يعود بعضها لظروف الاحتلال الإسرائيلي أو الأوضاع الفلسطينية الداخلية. فمثلاً، يشكو المسيحيون من تأثيرات الاحتلال مثل الحواجز واعتداءات المستوطنين ومصادرة الأراضي. كذلك يشكون من قلة الأمن وترى أغلبية كبيرة منهم أن الاحتلال الإسرائيلي يريد طردهم من وطنهم. أما بالنسبة للأوضاع الداخلية فهناك شكوى وقلق شديد من قلة الأمان، والخوف من الجريمة والسرقة، ومن غياب الحريات وسيادة القانون، ومن انتشار الفساد. كذلك هناك قلق واضح من وجود جماعات دينية سلفية في المجتمع الفلسطيني ومن وجود تنظيمات فلسطينية مسلحة مثل حماس ومن كل المجموعات التي تمثل الإسلام السياسي.
وبالرغم من أن الغالبية العظمى تقول إنها لا تتعرض لمضايقات من جيرانهم المسلمين أو في المدارس وأماكن العمل، فإن نسبة تتراوح بين الخمس والربع تشكو من سماع ألفاظ وشتائم قاسية أو تكفيرية وتقول أقلية كبيرة جداً أنها تشعر أن معظم المسلمين لا يرغبون في وجودهم في هذا الوطن. كذلك، بالرغم من أن الغالبية العظمى تقول إنها لا تعاني من التمييز بسبب الدين فإن نسبة تتراوح بين الخمس والربع تقول إنها تعاني من التمييز عند البحث عن عمل أو عند طلب خدمة من مؤسسات السلطة الفلسطينية. وفيما تقول الغالبية العظمى أنها تشعر بالاندماج في المجتمع الفلسطيني فإن ثلاثة من كل عشرة أفراد لا يشعرون بذلك أو يشعرون بوجود كراهية تجاههم من المواطنين المسلمين، ويقول حوالي الربع أن بعض معارفهم المسلمين يدعوهم للدخول في الدين الإسلامي، ويقول سبعة أفراد من بين كل عشرة أنهم قد سمعوا يوماً مسلماً يقول إن المسيحيين سيذهبون إلى النار.
تشير النتائج أيضاً إلى أن المسيحيين مثلهم في ذلك مثل المسلمين، لا يثقون بالحكومة الفلسطينية أو لا يثقون بأجهزة الأمن أو القضاء. بل إن أغلبية تميل أيضاً لعدم الثقة بالقادة من رجال الدين المسيحيين وبمنظمات المجتمع المدني. تميل الأغلبية للاعتقاد بوجود فساد في مؤسسات وأجهزة السلطة الفلسطينية. وبينما تقول الغالبية العظمى من المسيحيين أن النظام الديمقراطي هو الأفضل، فإن واحداً فقط من كل عشرة بينهم يصف النظام الفلسطيني على أنه نظام ديمقراطي. وعموماً، وجد الاستطلاع أن الغالبية العظمى من المسيحيين يعتقدون أنه يجب أخذ الحيطة والحذر في التعامل مع الناس، فيما يعتقد واحد فقط من كل عشرة أنه يمكن الثقة بأغلبية الناس.
في العملية السياسية تشير النتائج إلى أن أكثر من نصف المسيحيين يريدون حلاً سياسياً للصراع مع إسرائيل يؤدي لقيام دولة واحدة ذات حقوق وواجبات متساوية للفلسطينيين والإسرائيليين فيما يقول ثلاثة من كل عشرة أنهم يفضلون حل الدولتين. يرى نصف المسيحيين أن حل الدولة الواحدة هو الأكثر أماناً لهم في فلسطين.
كذلك وجد الاستطلاع أن مما يساعد على ازدياد نسبة هجرة المسيحيين تتعلق بوجود نسبة عالية جداً منهم ذوي أقارب كانوا قد هاجروا للخارج في السابق وبوجود اعتقادات بأن هؤلاء سيساعدونهم عند الهجرة. كما يعتقد حوالي النصف أن قوانين الهجرة في دول اللجوء تميز لصالح المسيحيين. وعند التفكير في التطورات السياسية الإقليمية فإن حوالي الثلثين يقولون إنها تشكل عوامل دفع إضافية لرغبتهم في الهجرة.
أخيراً، عند السؤال عن كيفية علاج ظاهرة الهجرة بين المسيحيين الفلسطينيين فإن الاستطلاع قد وجد تركيزاً من المجيبين على ضرورة قيام صناع القرار الفلسطينيين وقادة الكنيسة بالاهتمام بالموضوع والعمل على محاربة هذه الظاهرة. وتركزت الاقتراحات المقدمة على ضرورة تحسين الأوضاع الاقتصادية، مثل إيجاد فرص عمل أو توفير المسكن والمساعدات المالية لمن هم بحاجة لها؛ أو على تحسين أوضاع الأمن والأمان، مثل ضرورة تعزيز قدرة السلطة على فرض النظام والقانون؛ أو على ضرورة ترسيخ قيم الديمقراطية والتسامح.
أنقر هنا لقراءة التقرير الكامل