Official White House Photo by Shealah Craighead/Public Domain
الصورة :ملكية عامة
في وقت تتراجع فيه شعبية فتح وحماس ويطالب أكثر من 60% باستقالة الرئيس عباس ويرى نصف الجمهور أن السلطة قد أصبحت عبأً على الشعب الفلسطيني، فإن ثلثي الجمهور يرفضون الكونفدرالية الفلسطينية-الأردنية، وثلاثة أرباعه يرون الوضع اليوم أسوء مما كان قبل أوسلو، ويرى 90% أن إدارة ترامب منحازة لإسرائيل؛ ورغم وقف الدعم الأمريكي للأونروا وللسلطة، فإن أكثر من 60% يعارضون العودة للاتصالات مع إدارة ترامب، والأغلبية تتوقع فشل هذه الإدارة في إنهاء عمل الأونروا.
قام المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بإجراء استطلاع للرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك في الفترة ما بين 5 -8 أيلول (سبتمبر) 2018. شهدت الفترة السابقة للاستطلاع مجموعة من التطورات الهامة منها عقد اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل بهدف التوصل لتهدئة طويلة الأمد، وقيام مصر بمحاولة جديدة للتوصل للمصالحة بين فتح وحماس، وقيام الولايات المتحدة بوقف معونتها المالية لوكالة الغوث (الأنروا) وبوقف معظم مساعداتها للسلطة الفلسطينية، وقيام إسرائيل بتبني قانون قومية الدولة، وإعلان الرئيس عباس أن فريق السلام الأمريكي كان قد عرض عليه سابقاً فكرة قيام كونفدرالية فلسطينية-أردنية. كذلك تصادف هذا الشهر الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاق أوسلو. يغطي هذا الاستطلاع كافة هذه القضايا بالإضافة لقضايا أخرى مثل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والأوضاع العامة في كل من الضفة والقطاع، وعملية السلام والبدائل المتاحة للفلسطينيين في ظل الجمود الراهن في تلك العملية. تم إجراء المقابلات وجهاً لوجه مع عينة عشوائية من الأشخاص البالغين بلغ عددها 1270 شخصاً وذلك في 127 موقعاً سكنياً وكانت نسبة الخطأ +/-3%.
النتائج الرئيسية
فحص هذا الاستطلاع الأوضاع الفلسطينية الداخلية وتلك المتعلقة بالعلاقات الفلسطينية-الإسرائيلية والعلاقات الفلسطينية-الأمريكية. تشير النتائج لتراجع شعبية حركتي فتح وحماس في الربع الثالث من هذا العام مقارنة بالربع الذي سبقه. ولعل السبب الرئيسي لذلك هي بروز صراع القوى بين هاتين الحركتين خلال الأشهر القليلة الماضية وذلك على خلفية فشل كبير في تحقيق المصالحة ونزاع عقيم حول من يحق له التوصل لتهدئة مع إسرائيل. تشير النتائج كذلك إلى أن نسبة كبيرة، تزيد قليلا عن 60%، تريد من الرئيس عباس الاستقالة وأن الدوافع وراء ذلك تتعلق أساساً بالأوضاع الداخلية حيث تعارض الغالبية العظمى سياسة الرئيس المتعلقة بالإجراءات ضد موظفي السلطة في قطاع غزة، ويعارض الثلثان طلبه نزع سلاح المجموعات المسلحة في القطاع، وترفض الأغلبية طلب الرئيس من حماس تسليم القطاع لحكومة الوفاق بشكل كامل. كما أن الأغلبية تعارض موقف الرئيس القائل بأن التهدئة هي من شؤون السلطة والمنظمة حيث تؤيد هذه الأغلبية قيام حماس بالتوصل لاتفاق مع إسرائيل حول تهدئة طويلة الأمد حتى في غياب المصالحة. وتميل النسبة الأكبر من الجمهور الفلسطيني في الضفة والقطاع إلى وضع المسؤولية عن سوء الأوضاع الإنسانية في القطاع على الرئيس وحكومة الوفاق، بل إن نصف الجمهور يعتقد أن السلطة الفلسطينية قد أضحت عبأً على الشعب الفلسطيني وليس إنجازاً له.
يظهر الجمهور التأييد لانعقاد المجلس المركزي في رام الله الشهر الماضي وينتقد مقاطعة بعض الفصائل لتلك الجلسة. كما يؤيد بأغلبية كبيرة قرارات المجلس المتعلقة بسحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني، ووقف الإجراءات المتخذة بحق موظفي السلطة في قطاع غزة. لكن الأغلبية لا تظهر ثقة في رغبة أو قدرة القيادة الفلسطينية على تنفيذ هذه القرارات.
أما بالنسبة لعملية السلام فقد فحص الاستطلاع مجموعة من القضايا منها الموقف من حل الدولتين مقابل الدولة الواحدة، والكونفدرالية الفلسطينية-الأردنية، والموقف من اتفاق أوسلو. وجد الاستطلاع أن الأغلبية تعارض حل الدولتين عند طرح السؤال بدون إعطاء وصف لهذا الحل، لكن الأغلبية تقول بأنها تؤيد قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وفي المقابل تقول نسبة تبلغ حوالي الربع أنها تفضل حل الدولة الواحدة (التي يتمتع فيها الطرفان الفلسطيني واليهودي-الإسرائيلي بالمساواة في كافة المجالات) على حل الدولتين. وجد الاستطلاع أيضاً أن ثلثي الجمهور يرفضون فكرة الكونفدرالية الأردنية-الفلسطينية التي طرحها فريق السلام الأمريكي على الرئيس عباس. كما وجد أن نسبة أعلى تبلغ ثلاثة أرباع الجمهور ترفض فكرة كونفدرالية ثلاثية بين الأردن وفلسطين وإسرائيل. إن من المؤكد أن نسبة الرفض العالية لفكرة الكونفدرالية تعود لانعدام الثقة في الطرف الذي يطرحها، أي فريق الرئيس الأمريكي ترامب، وللاعتقاد بأن الفكرة تهدف لإجهاض هدف قيام دولة فلسطينية مستقلة. وكانت استطلاعات سابقة للمركز تم إجراؤها خلال السنوات العشرة الماضية قد وجدت نسب تأييد أعلى لفكرة الكونفدرالية الأردنية-الفلسطينية حيث زادت نسبة التأييد آنذاك عن 40%. وبمناسبة مرور 25 سنة على توقيع اتفاق أوسلو يقول ثلثا الجمهور أن هذا الاتفاق قد أضر بالمصلحة الفلسطينية. بل إن حوالي ثلاثة أرباع الجمهور يعتقدون أن الوضع اليوم أسوأ مما كان قبل أوسلو. لا يعني هذا بالطبع أن الجمهور يريد عودة الاحتلال ولكن على الأرجح أن المقارنة في أذهان الناس بين ما قبل وما بعد أوسلو تتعلق بعدد من القضايا الأخرى مثل تضاعف عدد المستوطنين مرات عدة منذ أوسلو، بالإضافة للانقسام بين فتح وحماس والضفة والقطاع، وإيقاف الانتفاضة الأولى وغياب أي حراك شعبي فعال اليوم مشابه لتلك الانتفاضة، وتعزز التنسيق الأمني مع إسرائيل في وقت تتضاءل فيه فرص السلام، والإحساس بأن النظام السياسي الفلسطيني الراهن يميل نحو السلطوية ويخلو من المساءلة، وأن الأوضاع الاقتصادية في تراجع مستمر وخاصة في قطاع غزة.
أخيراً، في ظل تردي العلاقة بين القيادة الفلسطينية والإدارة الأمريكية ووقف معظم المعونة الأمريكية للسلطة الفلسطينية ووقف دعم الأونروا، سألنا الجمهور عن رأيه في الطلب الأمريكي بالعودة للاتصالات بين الجانبين وعن رأي الجمهور في “صفقة القرن” وفي فرص نجاح الإدارة الأمريكية في إنهاء عمل الأونروا. تشير النتائج لوجود أغلبية معارضة لعودة الاتصالات الفلسطينية مع الإدارة الأمريكية أو للعودة للمفاوضات مع إسرائيل وتقول نسبة تبلغ 90% أن الإدارة الأمريكية منحازة لإسرائيل. كما أن نصف الجمهور يرفض “صفقة القرن” حتى بدون الاطلاع عليها لأنه يعتقد أن مضمونها سيكون بالتأكيد سيئاً، فيما تقول نسبة من 14% فقط بقبول هذه الخطة لأنها ستكون بالتأكيد أفضل من الوضع الراهن. تعتقد الأغلبية أن الولايات المتحدة ستفشل في محاولتها إيقاف عمل الأونروا رغم أن نصف الجمهور يعتقد أنه لو نجحت الولايات المتحدة في إيقاف عمل الأنروا فإن ذلك سيؤدي لإنهاء قضية اللاجئين.
للمزيد من المعلومات و التفاصيل حول نتائج الإستطلاع، يمكنكم قراءة البيان الصحفي.
البيان الصحفي - المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية